الصفحة الرئيسية > رأي > النيجر.. وسيناريو الخروج
النيجر.. وسيناريو الخروج
الخميس 17 آب (أغسطس) 2023
د. عبدالله العوضي
لماذا هذا المشهد المضطرب في النيجر من دون بقية دول الساحل الأفريقي؟! أول تجربة ديمقراطية يتم إجهاضها، بعد سلسلة من الانقلابات المتتالية لستة عقود، منذ استقلالها عن فرنسا في العام 1960.
استقلت سياسياً، لكنها لا زالت تربطها علاقات اقتصادية قوية بفرنسا، خاصة صادرات اليورانيوم أغلى ثروة تمتلكها النيجر. ورغم ما تتمتع به من ثروات هي ثالث أفقر دولة في القارة الأفريقية، بعد موزمبيق والصومال.
بالرغم من أنها تأتي ثالث أكثر دول العالم إنتاجاً لخام اليورانيوم، قبل أزمة «كورونا»، أما اليوم فقد وصلت إلى المرتبة السابعة عالمياً والأرخص إطلاقاً. ماذا جنى شعب النيجر من هذه الثروة بالذات غير أنه حاز المرتبة الأولى في معدل تعرضه لإشعاعها الذي يسبب سرطانات لا حصر لها.
النيجر لا تحتاج إلى مزيد من الحروب، وأخذت منها فرنسا 8000 طن كل عام، من «الكعكة الصفراء» أضاءت بأنوارها باريس وكل فرنسا من حولها وليس بقوة وقودها.
النفوذ الدولي في النيجر يظهر من خلال ثلاث قواعد عسكرية، إثنتان أميركيتان، وواحدة فرنسية، وكلها مستمرة تحت ذريعة محاربة الإرهاب. وليس الهدف الرئيس النيجر فحسب، بل دول الساحل الأفريقي كلها، مالي، بوركينا فاسو، وتشاد، ولو عدنا إلى ما قبل عام 1960، لوجدنا ذات الوضع كانت تسمى «مستعمرة النيجر، ترى مالذي تغير؟! الأسوأ من ذلك، عندما تحل الميليشيات الأجنبية» التابعة لقوى كبرى محل الجيوش الوطنية، بل تحاربها أحياناً إذا لم تخضع لإرادة أوامرها وتعليمات من يوجهها.
ولهذه الحالة أخوات في أوكرانيا وسوريا وليبيا، ولا نعرف إلى أين سيصل امتدادها؟!
سيناريو الخروج من هذه الأزمة لم يتضح بعد، لأن المطروح حتى الآن قد يسبب في إطالتها ليس أكثر، وتعليق مصير البلد وتسليمها للغول المجهول.
في الوقت الذي يصف العالم ما حدث في النيجر بالانقلاب، فإن أميركا لا تقر لهم بذاك، وتصر بأن ما جرى لا يعتبر انقلابا، والدليل أن الرئيس المنتخب محمد بازوم لا زال في منزله ولم يتعرض للأذى، مع أن المجلس العسكري وجه إليه تهمة «الخيانة العظمى والإخلال بالأمن الوطني».
ما حدث من انقلاب بمعنى الانقلاب على النظام الديمقراطي، بعد أن لفظ الشعب الطوق العسكري لعقود خلت من الرحمة بالعباد والبلاد حتى طم الفساد وعم.
نأتي إلى الاتحاد الأفريقي المعني بهذا الشأن، لأنه في نهاية الأمر هو المتضرر الأكبر، لقد أرسى قاعدة ذهبية بالنسبة لأعضائه «لا للانقلابات» بعد الآن، ولكن ها قد وقع في النيجر فما الحل؟!
« إيكواس» لوح بالتدخل العسكري، لإعادة الرئيس الشرعي للحكم، إلا أن عملية التعبئة لهذه الحرب المفترضة، بحاجة إلى قرابة ستة أشهر من الاستعدادات العسكرية الخاصة بهذا الوضع الذي يزداد تأزما وتمكنا للانقلابيين في تغيير خارطة اللعبة السياسية ومنها طرد الديمقراطية من المجتمع.
د. عبدالله العوضي
كاتب إماراتي